Tuesday, October 17, 2006
عاني كثير من المفكرين في تعريف الإنسان ... فتارة يقولون أن الإنسان حيوان عاقل أو مفكر !
و تارة يقولون ان الإنسان حيوان ناطق ..! و لكن كان الراحل المفكر أحمد بهاء الدين صاحب الرأي الذي استرعي انتباهي و أثار إعجابي و دهشتي في الوقت نفسه لكون هذا العريف لم اسمعه من قبل .
فقد عرف الراحل احمد بهاء الدين الإنسان بأنه " حيوان ذو تاريخ " ..
فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يسجل تاريخه و يتعلم من أخطاءة القديمة و ليعلم من بعده و من بعدهم أيضا .
كان لا بد أن ابدأ بهذه المقدمة و التي توضح لنا أن رجوعنا للتاريخ و استفادتنا مما فعله من سبقونا إنما هو جزء من إنسانيتنا، احد الأشياء التي نثبت بها أننا بشر و نتفوق عن الكائنات الأخرى.
و لكن يبدوا أن دراسة التاريخ و الاستفادة منه قد تم تهميشها اليوم في العالم العربي من مغربة إلى مشرقه ، بحجة أن الزمن لم يعد هو الزمن و تارة بحجة أن العالم قد تغير ، و تارة أخرى يقولون أن طبيعة البشر قد اختلفت ثم يتكلمون عن الناس الذين لم يعودوا كذلك . و لا نعرف أبدا متى كانوا كذلك أصلا.
و في المنطقة العربية الآن و في في مصر بالذات اشتم الناس رياح التغيير قادمة ، ربما مازال هنا وقت و لكن رائحة الحرية العبقة قد بدأت تتسلل إلى أنوف الجميع في مصر الآن منذرة بأن التغيير قادم لا محالة و إن تأخر قليلا .
و مع هبوب تلك الرياح بدأ الناس يتكلمون و يقترحون و يتناقشون.
ما هو النظام الأفضل لمصر، الناصريين متمسكون بالاشتراكية، و الليبراليين متمسكون بالليبرالية و هناك من ينادي بالعلمانية البحتة على غرار تركيا، ثم هناك من ينادي بخلافة أسلامية و هناك من ينادي بحكم إسلامي فقط.
و لا أحد مقتنع برأي الآخر و لا يريد أصلا مناقشته .
و لكني قد قررت أن أضع وجهة نظر أنا أيضا و لكن من خلال نظرة عامة على التاريخ.
و في بداية الحديث قلت أن رجوعنا للتاريخ هو ما يميزنا ككائنات عاقلة وسط هذا العالم و عندما نظرت ورائنا وجدت أنظمة كثيرة قام منها من قام و فشل من فشل و سقط من سقط و لا يختلف أيا منهم عما نفكر فيه الآن ،
إذن فنحن عندنا من الأمثلة الكثير و الكثير و التي نغض عنها البصر دائما لا لشيء إلا لفرض وجهة نظرنا نحن و إثبات صحتها،
و انا لي وجهة نظر قابلة للتصحيح و التعديل و هي اولا ان العرب و أغلبيتهم من المسلمون و معهم المسيحيون هم امة ذات طابع خاص ، لا نستطيع أن نغير منهم حتى يتلاءموا مع نظام مصنوع في أوروبا ، بل لا بد أن نأتي بنظام يتلاءم مع طبيعة العرب و طريقة حياتهم .
في العصور الغابرة في اليونان القديمة ، تلك الأيام التي كان الفلاسفة فيها كنجوم الفن الان عندنا و لا استبعد ان يكون الاغريق مثلا هم من اخترعوا الاوتوجرافات ليستطيعوا اخذ توقيع ديوجين او حتى سقراط و هو يمشي متبخترا يناقش فلسفته مع الجميع.
تلك الايام التي ظهرت فيها تلك الكلمة السحرية و التي مات من أجلها ألاف الآلاف بعد ذلك . إنها " الديمقراطية "
ففي هذا العصر التي ظهرت فيه تلك الكلمة و هي كلمة من مقطعين تعني " حكم الشعب " لم يكن هناك من جو ديمقراطي ابدا كالذي نتخيله ، بل كان هناك ديمقراطية فقط للطبقة العليا من المجتمع أما الطبقة الدنيا و المتمثلة في العبيد و الجواري فقد كانوا لا يعتبرونهم بشرا .
و حتى عندما تحدث افلاطون عن المدينة الفاضلة " يوتوبيا " لم يستطيع أن يجعلها بلا عبيد ابدا.
في أوروبا في العصور الوسطى كما يسمونها كان الحكم ديني بحت ، و كانت الكنيسة هي المتولية لكافة شئون الدولة الأمر الذي أدي الى فقر و تخلف أدبي و علمي الى أقصي الحدود ، و لا ننسى العلماء الأجلاء الذين ربطوا في الأعمدة و حرقوا أحياء لا لسبب غير انهم قد قالوا أن الأرض كروية ، او ان الأرض تدور حول الشمس ، فقد كان هذا يخالف تعاليم الكتاب المقدس و الكنيسة في ذلك الوقت
و من هنا كانت الحركات الثورية و ظهور امثال مارتن لوثر كنج الذين نادوا بفصل الدين عن الدولة و الا يكون للكنيسة شأن على الإطلاق بالحكم و السياسة و ذلك الوقت كان ظهور كلمة علمانية لأول مرة في التاريخ .
و لا استطيع ان امنع نفسي من الملاحظة هنا أن النظام العلماني البحت قد صنع في هذه الحقبة لمعادلة فقط تلك السيطرة الكاملة الوحشية التي كانت تمسك بها الكنيسة مقاليد الأمور .
و في نفس الوقت الذي كان العالم يعج فيه بالتخبط و يترنح في كل اتجاه من شرقه الى غربه ، ظهرت بوادر النور متمثله في الحضارة الإسلامية ، و التي لا يستطيع ايا كان أن ينكر ان الفضل يرجع اليها في النهضة الأوروبية ،
كانت الحضارة الإسلامية منارة في كل شيء ، في الآداب و العلوم و الفنون ، و الصناعة و حتى فنون الحرب و السياسة .
و مع كل اختلافنا مع الطريقة التي كانوا يولون بها ولاتهم و سلاطينهم في ذلك الوقت إلا انه لا نستطيع ان ننكر أن هذا كان اكثر الأوقات ازدهارا للعرب في التاريخ .
فلماذا لا نجرب ان نأخذ منهم و نصنع نظامنا الخاص بنا .
أن نصنع نظامنا العربي المستمد من تاريخنا و المجرب من قبل و اثبت نجاحا فاق كل التصورات .
لماذا الاتجاه الى اليسارية و العلمانية و الاشتراكية و ما الى هنالك من انظمة لا تتناسب معنا و مع العادات و التقاليد العربية .
فبدل من أن نغير امة بكاملها لتتناسب مع المتغيرات ، فالنأت لها بما يتناسب معها و لا نغير فيها غير السلبيات فقط.
لا أقول اني اريد دولة دينية و لكن اري ان نسير على الركب التي سارت فيه حضارتنا من قبل .
فهل هذا كثير؟
0 Comments:
Post a Comment
<< Home