Saturday, March 10, 2007
مقال أكثر من رائع حقيقة من المقالات التي كنت اتمنى لو كتبتها انا لانه يعبر فعلا عما يدور بخاطري دائما
ليس حقدا طبعا و انما اعجابا بالمقال
اترككم معه
قناة ناشيونال جيوجرافيكس هي أربع وعشرون ساعة من الفن الرفيع الراقي. إنها تريك معجزتين في آن: معجزة الظاهرة الطبيعية، ومعجزة أن ينقل لك إنسان هذه الظاهرة بهذا الجمال . أي انها تريك معجزة تصوير المعجزة !.. من ضمن برامج هذه القناة الأثيرة عندي برنامج اسمه (الذهاب إلى النهايات القصوى Going to extremes).. بطل البرنامج صحفي بريطاني اكتشف في منتصف العمر أنه لم يعش حياته وعلى الأرجح لن يعيشها .. يقول إنه في سن متوسطة، يتقاضى راتبًا متوسطًا، ونجاحه متوسط وبيته متوسط وشكله متوسط .. هكذا قرر أن يطلق العنان لجنونه ويجرب الحد الأقصى من كل شيء : يرتحل إلى أبرد مكان في العالم في سيبيريا وأسخن مكان في العالم في أثيوبيا .. يجرب أكثر البلدان جفافًا وأكثرها رطوبة .. أكثرها ارتفاعًا وأكثرها انخفاضًا .. وهكذا ..
برنامج ذو فكرة ذكية ولا شك، والأهم أنه يجعلك تسترجع حياتك فتدرك انك من المبتلين بالوضع الوسط .. وهذا يجعلك لا تنتمي لأي مكان على الإطلاق .. إن إمساك العصا من منتصفها والرقص على السلم لا يختلفان كثيرًا في الواقع، لكن الأمر يتوقف على براعتك في التعبير وقدرتك على تهذيب الخدعة الكبرى التي تعيشها..
أنا من الطبقة الوسطى التي تجاهد كي لا تنزلق لأسفل وتكافح كي تصعد لأعلى، فلا تكسب إلا تحطيم أظفارها على الغبار الذي يبطن الحفرة .. لست فقيرًا بحيث أحتمل شظف العيش، ولست ثريًا إلى حد يجعلني اطمئن على أطفالي يوم أموت .. في مقال بديع للساخر الراحل محمد عفيفي يقول: "المانجو تسبب مشكلة ضميرية مزمنة للطبقة المتوسطة، لأن الفرد من هذه الطبقة يمكنه شراؤها مهما غلا ثمنها، لكنه يعرف أن زيادة قطع عدد ثمرات المانجو على المائدة يقابله نقص في عدد قطع اللحم على ذات المائدة !".
عندما أمشي في الأزقة والأحياء العشوائية أبدو متأنقًا متغطرسًا أكثر من اللازم، وأثير استفزاز سكان هذه العشوائيات .. بينما عندما أمشي في بيانكي أبدو دخيلاً مريبًا فقيرًا أكثر من اللازم... عندما يقع تهديد على أحد سكان العشوائيات فإنه يصرخ مناديًا (سوكة) و(شيحة) وسرعان ما يبرز له عشرون بلطجيًا يحملون ما تيسر من (سنج) وماء نار وكلاب شرسة .. هذه هي الحماية الحقة.. بينما عندما يشك (عيسوى) بيه في شيء فإن البودي جارد صلع الرءوس ذوي السترات السود الذين يدسون سماعات في آذانهم يبرزون لك ليقولوا إن الباشا يأمرك بالابتعاد عن هذا الشارع .. فمن يحمي ابن الطبقة الوسطى ؟.. لا أحد ..
عندما تتزوج لن تظفر إلا بعروس من الطبقة الوسطى .. لن تظفر بـ (عطيات) حارة العواطف التي تؤمن أن (ضل راجل ولا ضل حيطة) ولن تتزوج (إنجي) التي رأت فيلمي (إيمانويل) و (قصة أو) عشر مرات .. إن عروس الطبقة الوسطى ابنة الأستاذ عبد الجواد موجه الجغرافيا تؤمن أن الارتباط بك ثمن لابد من دفعه مقابل الظفر ببيت وأطفال .. إنها أنثى الطبقة الوسطى التي تؤمن في لاوعيها بأن الحب خطيئة حتى في ظل مؤسسة الزواج ..
هذا عن انتمائك للطبقة الوسطى، فماذا عن كونك في منتصف العمر ؟... هل تذكر (هيام) أو (رانية) زميلة دراستك التي همت بها حبًا ثم تخلت عنك عند قدوم أول عريس جاهز (لأنها يجب أن تضع مستقبلها في الاعتبار) ؟.. جرب اليوم أن تحب (مروة) أو (هبة) طالبة الجامعة الحسناء ولسوف تتركك من أجل زميلها المفلس (الروش) الذي لا يملك إلا شبابه، والذي يعرف آخر أغنية لتامر حسني، ويعرف كيف يميز بين حلا شيحة وعلا غانم بينما كنت أنت تعتبرهما نفس الممثلة..
هذا عن العمر الوسط فماذا عن الزمن الوسط ؟.. لست في زمن جيفارا والقومية العربية ومؤتمر باندونج ومظاهرات الشباب واجتماعات المثقفين مع سارتر.. لقد ولى هذا الزمن، لكنك كذلك لا تبتلع فكرة العولمة التي هي الأمركة بمعنى آخر .. وما زلت تعتبر توماس فريدمان مغرضًا كاذبًا، وتعتبر بوش دمية في أيدي المحافظين.. وفي الجهة الأخرى يقف ابن لادن والزرقاوي يقدمان لك بديلاً مغريًا من الذبح والدخول بالطائرات في ناطحات السحاب.. فأين تقف بالضبط ؟
هذا يقودنا للتساؤل عن الموقف الوسط .. كنت تصغي لشباب الجماعات الدينية فتبهرك جديتهم والتزامهم والطريقة البارعة التي يجدون بها مخرجًا لأنفسهم وسط كل هذا الحصار .. ثم تصغي للشباب اليساري فتفتنك ثقافتهم وعمق قراءتهم والنظرة العلمية الصارمة التي يخضعون لها كل شيء .. ثم تعود لدارك لتتساءل: من أنت بالضبط ؟
صديق لي يعاني عقدة الوسط هذه، وكان يتوق إلى أن تكون له مغامرات نسائية لكن العمر فاته، قال لي في ضيق: "قبل أن أدخل الكلية كانت تسيطر عليها ثقافة الهيبيز والتحرر وكان جون لينون بطلاً قوميًا، ثم دخلت الكلية في أوائل الثمانينات فخرج أحدهم أمام المدرج وصاح: فليجلس الأخوة في جانب والأخوات في جانب لو سمحتم .. لا نريد أن نحرج أحدًا ... وألغيت كل حفلات الكلية.. وهكذا سيطرت الجماعات الدينية على سني الدراسة، وكان الفتى يقول لزميلته صباح الخير فتأتيه باكية في اليوم التالي تطالبه بإصلاح غلطته !.. هكذا تركنا الجامعة .. هل تعلم ما يحدث في الكليات اليوم ؟.. الزواج العرفي يتم عيني عينك، وهناك طرق عجيبة للزواج مثل أخذ الموافقة على الموبايل أو أن يبلل كل من الطرفين طابعًا بلعابه ثم يلصقه على جبين الطرف الآخر .. الحق إنني اخترت الزمن الخطأ كي أوجد !"
فكرت في كلامه فوجدته يعزف على نغمة لعنة الوضع الوسط التي أتحدث عنها .. وكما قلت من قبل: إن إمساك العصا من منتصفها والرقص على السلم لا يختلفان كثيرًا في الواقع، لكننا نحاول إقناع أنفسنا بأنهما مختلفان ..
من يدري ؟.. ربما أمشي في ذات الدرب الذي مشى فيه ذلك الصحفي البريطاني .. ربما أختفي في الأيام القادمة فيعرف من يسألون عني أنني أستكشف جبال الهيملايا أو الوديان الثلجية في سيبيريا !
7 Comments:
المقال لذيذ...و اسلوبه فى الكتابه سهل رائع...عموما بعض الناس يعشقوا انهم يعيشوا فى الوسطيه...زى ما قال زى اللى بيرقص على السلالم...لكن علشان تنتقل للنهايات القصوى سواء تحت او فوق...فدى عمليه عايزه طاقه و قدره عقليه كبيره...و اعنى بالقدره العقليه انك تكون انت المتحكم فيه ...كانك بالظبط قاعد فى كابينه طياره و تبص على كل جزء من مخك و توجه انت بنفسك...اما من الناحية الاجتماعية فده بيسموه الحراك الاجتماعى بمعنى انك تنتقل من طبقه الى طبقه اخرى على سبيل المثال امريكاالحراك الاجتماعى فيها سهل الوصول فيها الى الدرجات القصوى..وفى الهند تقريبا لا يوجد اى نوع من الحراك الاجتماعى يعنى الفقير ح يبقى فقير على طول و الغنى غنى و المتوسط متوسط لاحراك...تقدر تقول مصر فى فتره التمانينا حصل فيها حراك اجتماعى على ايام السادات يمكن بسبب الانفتاح...و اما عن الفتره الحاليه فيه فتره حقيقى غامضه
عموما شكرا و اسف على الاطاله ومع تحياتى...
هههههههههه
طب يا رب ابقى غنية و برجوازية عان اطلع من خط الوسط ده
و معرفكش بعد كده
بنت سعد
egyptian
انا معاك ان في غموض شوية في المرحلة دي لكن صدقني في حراك كبير رغم عوامل الاحباط اللي حوالينا
فقط ارجو الا يزيد عن حده قبل النضوج الكامل للشعب المصري
بنت سعد
بتبيعيني بمجرد ما بقيتي غنيه و برجوازية
بتبيعي طبقة البروليتاريا الطاحنة كلها في لحظة؟
يا خيبة امل البروليتاريا فيكي يا ام السعد
الموضوع ممتاز و يوضح معاناة شباب الطبقة المتوسطه.
المشكله فى عدم الوعى باهمية الطبقة المتوسطه فهى عماد اى امة
اذا نظرنا الى المانيا سنجد انها تفخر بان معظم الشعب الالمانى فى الطبقة المتوسطه
مشكلة معظم الشباب هو التطلع الزائد عن الحد بدون بذل مجهود او بدون تثقيف نفسه بكل انواع القراءه
نفس مشاكل الشباب واحده فى كل دول العالم بسبب نقل الافكار الغريبه من خلال الاقمار الصناعيه و البرامج المترجمه
الاقمار الصناعية (الدش) نقلت افكار مشوهة عن الدول الغنية و لم تهتم بنقل كيفية العمل و بذل الجهد فى هذه الدول
كذلك العاملين بالخارج عادوا و هم محملين بالكثير من العادات البدوية التى لا تناسب مجتمع مصر المتنور و للاسف انتشرت ثقافة الخليج من خلال القوة المادية
اذا اهتم كل فرد بان يفكر و يعمل و غسل من عقله ثقافة السوبرمان المستورده سيرتاح الجميع و تنهض البلد و يزداد الدخل القومى
لقد خلق الله البشر على درجات و كان قادرا ان يخلقهم مثل الصحفى المغامر و لكن له فى ذلك حكمة لا نعلمها
و اشكرك على صبركم معى
احمد
اقرأ اخر بوست فى مدونتى للضرورة القصوى
و ليتك تكتب فى الموضوع ذاته
تحياتي
الراجل دا بحترمه اوى و اى كتابات ليه بجيبها و انا مغمضة المقال رائع
الحمد لله انا كل لما ادخل الاقى سياسة و معرفش ايه اهو التغيير حلو
فين النيولوك بتاعى صحيح انا مش مدياك عربون ؟؟؟
ما علينا
التغيير فعلا مريح شوية
و عربون ايه انتي هاتتبلي عليا
انا منتظر منك انت افكار و صور
Post a Comment
<< Home